الطاووس وجنون العظمة - عبد الله إبراهيم الكعيد

  • 7/24/2013
  • 00:00
  • 33
  • 0
  • 0
news-picture

من لم يكن فيه ذرّة من جنون، فيه رطل من شيء آخر أسوأ. تأملت في هذه الحكمة القديمة وقلّبتها على مدلولاتها فوجدتها صالحة لكل زمان. تصلح تماماً في وقتنا الحالي خصوصاً ونحن نشهد تلك الأحداث المتسارعة المجنونة. إن المتابع لما يدور في عالمنا العربي اليوم يصاب بالدوار وأيّ دوار، قد يصعب على الراصد والمحلل توقع ما ستؤول إليه حال البلدان التي ضربت الفوضى الأطناب في ربوعها، لكن كل هذا كوم وحكاية التدخّل السافر في شؤون البلدان الأخرى من بعض الملاقيف المُضطربين كوم آخر. خذوا على سبيل المثال استماتة طاووس تركيا بالتدخل في الشأن المصري عياناً بياناً. ألا يعرف هذا المتعجرف أن أهل مصر ورجالاتها ومؤسساتها العريقة قادرة على احتواء أزمتها بكل احتراف واقتدار وأن إرادة الشعب هناك هي من يقرر ما الذي يجب فعله من عدمه ناهيك عن أن قادة مصر لن يسمحوا لإملاءاتٍ من أحد أياً كان فما بالك فيمن بلاده ونظامها على كف عفريت حيث تداعيات انتفاضة شباب تركيا في " ميدان تقسيم " باسطنبول لازالت تُخيم على المشهد السياسي هناك ولن يغب عن الأذهان كيفية تعامل الأمن والجيش مع المتظاهرين العُزّل وهو ما لم يفعله الجيش المصري في " رابعة العدوية " مع فارق الهدف وسبب التظاهر. الحقيقة أن رئيس وزراء تركيا حتى وإن كان مصاباً بجنون العظمة إلا أنه يجيد التمثيل بامتياز لهذا يجد الأتباع والمصفقين في خارج تركيا أولئك الذين تأسرهم (شوية) خطابات نارية وتسحرهم كاريزما الزعيم الضرورة وهذا ما يُجيده السيد رجب طيب أردوغان. الرجل يعرف كيف يحشد المعجبين. فمرّة يرسل السفن إلى غزة بحجة كسر الحصار عنها ومرة أخرى ينسحب غاضباً من المؤتمرات الدولية ولكن أمام كاميرات المصورين حتى يكون للمشهد جذب جماهيري تكتمل فيه حلقات (البروبقاندا). كاتب مثلي قد لا يسبر باكتمال أغوار شخصية مجنون العظمة لكن خبراء علم النفس يعرفون بالتأكيد تصنيف هذه الشخصية المشوّشة المضطربة إنما نستطيع نحن كمتابعين للشخوص العامة كثيرة الظهور مثل صاحبنا أن نحكم من خلال أقواله وتصرفاته على سلامة منهجه من عدمه. أخيراً أقول ربما انحياز الجيش المصري العظيم لإرادة الشعب وتدخله لإعادة مصر إلى الصف العربي والعربي فقط هو ما جعل هذا الطاووس وأمثاله يفقدون توازنهم وربما عقولهم. محطّة القافلة المهزومُ المُتهدّم نفسيّاً يختلق من خياله الانتصارات الوهمية ويروجها كي يغطي على واقعه المرير. الأكاذيب لا تُحقق الانتصارات والخطب النارية الرنّانة يكنس كلماتها عمال النظافة من على قارعة الطريق حال انفضاض السامر.

مشاركة :