ما قد يتسرب.. من الفراغ - نجوى هاشم

  • 4/15/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

ذلك الرصيف لايزالُ متحركاً بأصواته.. وهدوئه الثائر.. وجهه لايزال حفلة قائمة لاتحتاج أن تتحرى عن مكانها.. أو كيف ستجدها؟ تعلمك الحياة دون أن تتجاهل أخذ حقوقها بعض أسرارها.. تفضي إليك بين حين وآخر بما تريده هي.. وليس بما تريده أنت..! دون تحفظ أو تردد تحتمي كعادتك بما منحته لك.. ليس لأنه شيء لم يحدث من قبل، أو أنها تختصك به دون غيرك ولكن لأنك في حاجة إليه.. لمرافقته في رحلة ذلك الرصيف الذي وإن شاركتك الحياة بتوقفها إلا أنه عليك أن تصنعه بنفسك..! هناك.. وفي المرة الأولى تعثرت.. انزلقت.. سقطت.. هل كلها تصل بك إلى المعنى نفسه.. هو أيضاً المعنى الذي لايزال يستدرجك ليس كذكرى.. ولكن مجاوزاة للمعنى كعلامة استفهامية بين السقوط والاستيقاظ..! تسقط.. تأخذك الأشياء.. يأخذك المكان داخل تفاصيله.. دون أن تتجاوز رسم الصور والملامح.. والأشياء.. تتداعى معك لحظات تظاهر بأنك خارج ذلك الرصيف.. لم تسمع من يقرأ في صفحاته بذلك الصوت المسموع.. ولا من يتصفح غائباً عن أحداث تحاصره ويتجاهلها متعمداً..! تكتب صورتك مشهداً مشهداً داخل نفسك.. وقبلها داخل ذلك المكان الذي وإن أخفقت في قراءته.. وتعثرت إلا أنك تحاول الوقوف.. وعدم المغادرة.. في داخله تشتمُ رائحتك.. وقبلها كنت لا تشتمُ إلا رائحته.. هل لأنك تخاف التعثر مرة أخرى؟ أو ترعبك جوانبه وتفاصيله التي قد لا تستطيع التعامل معها..؟ كثيرون على الرصيف.. وكثيرون حوله.. وكثيرون اكتفوا بمشاهدته.. وآخرون لايزالون هناك.. ينتظرون إما العبور متجاوزين مسألة أهمية الرصيف أو الاحتفال داخله بالحياة غير المتعثرة كما يعتقدون.. وهم جميعاً يظل إرث الحاضر بالنسبة لهم هو إرث المستقبل.. وتجاوز إرث الماضي كان اختياراً طوعياً للقفز عليه..! نحن مختلفون ليس من داخل ذلك المنظور.. أو من ضرورية الأشياء التي نحملها.. أو أهميتها.. أو مدى صواب رؤية كل منا.. ولكن من داخل تلك الدائرة التي أحدنا داخلها والآخر خارجها.. من تلك الصورة التي تراها وكأنها تحدق مع الجماعة أو الآخرين برؤيا مشتركة.. وأحدق أنا وحيدة بدقة وتروّ وبحث..! من داخل ذلك الجنون العاقل الذي يعكسه ارتجافي من قسوة الاستيقاظ الحتمي.. الذي لا يسرق عمري فقط ولكن ما وفرته منذ زمن من هدوء وتروّ وصمود وإعادة صياغة للأيام..! ومع ذلك أيضاً وعمق هذا الاختلاف الذي ربما يبدو قاسياً إلا أن أول خطوات تحقق ما تريده هو الاستيقاظ.. الوقوف والذي لن تصنعه بالتردد.. أو التفكير بإعادة قراءة المرقف.. ولا بالشجاعة.. التي لا تعني الانطلاق والمغادرة.. ولكن تعني تصالحك مع نفسك قبل ذلك مع ملامسة ما هو معلوم، والخروج من دائرة الفراغ.. كل الفراغ.. وما يتسرب منه.. والذي لا تعرف كم ظللت به.. وفي داخله.. وعشت فيه وكأنه سيرتك الهادئة التي تفردت بها داخل نفسك وسطرت يومياتك من خلالها..! هل تبدو المسألة مقلقة؟ أو أقوى من أن تستطيع أن تأتي بها؟.. ثمة خوف آخر من ألا تكون مستعداً لمشاهدة ذلك الأفق.. ولكنك تشعر بالافتتان به.. بالاطمئنان.. بالقدرة أن تترك له ما لا تريده.. وتأخذ منه كل ما تريده..! هل تبدّل المعنى..؟.ربما.. فقط تشعر بأنك تتصنت على نفسك.. هناك.. خلف مقاعدها.. في المسار.. الطويل.. متلمساً منها دون تجاوز حدودها.. التوليف بين اعتياد الحياة داخلها وبين مدار تلك الأسئلة التي تتسرب بعيداً.. إلى أين؟ ستذهب بها أو ستذهب بك..؟ دون أن تحرث الماء.. أو تسبح في الصحراء..!!

مشاركة :